الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
فجاء على اتّبعْتُ.وقال الآخر: فجاء على (عوادنا) وإنما تجيء المصادر مخالفة الأفعال، لأن الأفعال وإن اختلفت أبنيتها، واحدة في المعنى.قوله تعالى: {سبلا فجاجا} قال الفراء: هي الطرق الواسعة.قوله تعالى: {واتّبعوا منْ لم يزده مالُه وولدُه} قرأ أهل المدينة، وابن عامر، وعاصم، {وولده} بفتح اللام والواو.وقرأ الباقون {وُلْده} بضم الواو، وسكون اللام.قال الزجاج: وهما بمعنى واحد، مثل العرب، والعُرْب، والعجم، والعُجْم، وقرأ الحسن، وأبو العالية، وابن يعمر، والجحدري، {ووِلْده} بكسر الواو، وإسكان اللام.قال المفسرون: المعنى: أن الأتباع، والفقراء اتّبعوا رأْي الرؤساء والكبراء.قوله تعالى: {ومكروا مكرا كُبّارا} قرأ أبو رجاء، وأبو عمران: {كُبارا} برفع الكاف، وتخفيف الباء.وقرأ ابن يعمر، وأبو الجوزاء، وابن محيصن: {كِبارا} بكسر الكاف مع تخفيف الباء.والمعنى: (كبيرا) يقال: كبير، وكبار، وقد شرحنا هذا في أول {ص} ومعنى (المكر): السعي في الفساد.وذلك أن الرؤساء منعوا أتباعهم من الإيمان بنوح {وقالوا لا تذرُنّ آلهتكم} أي: لا تدعُنّ عبادتها {ولا تذرُنّ ودا} قرأ أبو جعفر، ونافع بضم الواو.والباقون بفتحها.وهذا الاسم وما بعده أسماء آلهتهم.وجاء في التفسير أن هذه أسماء قوم صالحين، كانوا بين آدم ونوح.ونشأ قوم بعدهم يأخذون بأخذهم في العبادة، فقال لهم إبليس: لو صورتم صُورهُمْ كان أنشط لكم، وأشوق للعبادة، ففعلوا.ثم نشأ قوم بعدهم، فقال لهم إبليس: إن الذين من قبلكم كانوا يعبدونهم، فعبدوهم، وكان ابتداء عبادة الأوثان من ذلك الوقت.وسميت تلك الصور بهذه الأسماء، لأنهم صوروها على صور أولئك القوم المسمّين بهذه الأسماء.وقيل: إنما هي أسماء لأولاد آدم، مات، منهم واحد، فجاء الشيطان فقال: هل لكم أن أصور لكم صورته، فتذكرونه بها؟ فصورها.ثم مات آخر، فصور لهم صورته، إلى أن صور صورا خمسة.ثم طال الزمان وتركوا عبادة الله، فقال لهم الشيطان: ما لكم لا تعبدون شيئا؟ فقالوا: لمن نعبد؟ قال هذه آلهتكم، وآلهة آبائكم، ألا ترونها مصوّرة في مصلاكم؟! فعبدوها.وقال الزجاج: هذه الأصنام كانت لقوم نوح، ثم صارت إِلى العرب، فكان (ود) لكلب، و(سواع) لهمدان، و(يغوث) لبني غطيف، وهم حي من مراد.وقيل: لما جاء الطوفان غطى على هذه الأصنام وطمّها التراب، فلما ظهرت بعد الطوفان صارت إلى هؤلاء المذكورين، قال الواقدي: كان (ود) على صورة رجل، (وسواع) على صورة امرأة، (ويغوث) على صورة أسد، و(يعوق) على صورة فرس، و(نسر) على صورة النسر من الطير.قوله تعالى: {وقد أضلوا كثيرا} فيه قولان.أحدهما: وقد أضلت الأصنام كثيرا من الناس، أي: ضلوا بسببها.والثاني: وقد أضلّ الكبراء كثيرا من الناس {ولا تزد الظالمين} يعني: الكافرين {إلا ضلالا} وهذا دعاء من نوح عليهم، لما أعلمه الله أنهم لا يؤمنون.قوله تعالى: {مما خطيآتهم} (ما): صلة.والمعنى: من خطيآتهم: أي: من أجلها، وسببها، وقرأ أبو عمرو (مما خطاياهم) وقرأ أبو الجوزاء، والجحدري (خطيئتهم) من غير ألف {أُغرقوا فأُدخلوا نارا} قال ابن السائب: المعنى: سيدخلون في الآخرة نارا، فجاء لفظ الماضي بمعنى الاستقبال، لأن الوعد حق، هذا قول الأكثرين.وقال الضحاك: فأُدخلوا نارا في الدنيا، وذلك أنهم كانوا يغرقون من جانب، ويحترقون في الماء من جانب.قوله تعالى: {فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا} أي: لم يجدوا أحدا يمنعهم من عذاب الله.قوله تعالى: {ديّارا} قال ابن قتيبة: أي: أحدا.يقال: ما بالمنازل ديّارٌ، أي: ما بها أحد، وهو من الدار، أي: ليس بها نازل دارا.وقال الزجاج: أصلها (ديْوار) فيْعال، فقلبت الواو ياء، وأدغمت إحداهما في الأخرى.وإِنما دعا عليهم نوح لأن الله تعالى أوحى إليه {لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن} [هود: 36].قوله تعالى: {يُضِلُّوا عبادك} وذلك أن الرجل منهم كان ينطلق بابنه إلى نوح، فيحذِّره تصديقه.قوله تعالى: {ولا يلِدُوا إلا فاجرا كفارا} قال المفسرون: إن الله تعالى أخبر نوحا أنهم لا يلدون مؤمنا، فلذلك علم الفاجر الخارج عن الطاعة.قوله تعالى: {رب اغفر لي ولوالديّ} قال الحسن: وذلك أنهما كانا مؤمنين.وقرأ أبو بكر الصديق، وسعيد بن المسيب، وابن جبير، والجحدري، والجوني {ولوالدِي} ساكنة الياء على التوحيد.وقرأ ابن مسعود، وأبو العالية، وابن يعمر، والزهري، والنخعي {ولولديّ} من غير ألف على التثنية {ولمن دخل بيتي} وقرأ حفص عن عاصم {بيتي} بفتح الياء.وفيه ثلاثة أقوال.أحدها: منزله، قاله ابن عباس.والثاني: مسجده، قاله الضحاك.والثالث: سفينته، حكاه الثعلبي.قوله تعالى: {وللمؤمنين والمؤمنات} هذا عام في كل من آمن {ولا تزد الظالمين} يعني: الكافرين {إلا تبارا} أي: هلاكا.ومنه قوله تعالى: {تبّرْنا تتْبِيرا} [الفرقان: 39]. اهـ.
|